روايه نبض غرامي فاطيما يوسف
حلمت أن تتدرب فيه من أول سنة دخلت فيها الجامعة
كانت تتمشي في الرواق المؤدي إلى مكتب ماهر البنان صاحب ذاك المكتب الفخم ذاك الرجل الأربعيني المعروف بلقب خ ط المحاكم فلديه شهرة واسعة في الصعيد بأكمله ومعروف عنه الذكاء الشديد والمهارة العالية في جلب البراءة لموكليه من أول جلسة فحقا اسما على مسمى
كانت دقات قلبها ترتعش من تلك المقابلة التى ستجرى لها من ضمن المتقدمين للتدريب تحت يد خ ط المحاكم جلست في غرفة الانتظار تحاول تهدئة حالها وتنظم من أنفاسها المتلاحقة اثر صعود الأدراج
نظرت حولها وجدت عددا من الإناث المتقدمين فاليوم حدد مقابلة الإناث فقط لينتقى منهن خمس فقط للتعيين لوت شفتيها بامتعاض وحدثت حالها
وبتلقائية أمسكت هاتفها ونظرت في شاشته واتخذتها مرآة لها وتابعت حديثها وهي تنظر إلي ملامح وجهها بدقة
ده أني شكلي عفش اووي جنبهم بالنضارة
اللى اني لابساها داي ولا البدلة اللى مخلياني كيف الراجل والكوتشي وكاني رايحة النادى
إيه اللي عميلته في حالي ده !
كانت تارة تنظر إليهم وتارة تنظر إلى حالها وبعد حديث دار أكثر من عشر دقائق مع حالها قررت أن لا تحضر المقابلة اليوم وتأتي في وقت لاحق وقامت من مكانها وكادت أن تغادر الغرفة إلا أنها استمعت إلي إسمها ينادى من مديرة مكتبه فهو بنفسه ينتقي المتدربين دون تدخل من فريق العمل الخاص به كى ينتقيهم بعناية فائقة
عادت بخطى بطيئة إلي الداخل بعدما نودي علي اسمها عدة مرات ووقفت أمامها تردد بتوتر
بعد إذنك يافندم هو ينفع المقابلة دي تتأجل النهاردة وآجي المرة الجاية
لم ترفع مديرة مكتبه أعينها من على اللابتوب
________________________________________
واصابعها تعمل بمهارة فائقة وهي تردد بعملية
وتابعت تحذيرها وهي ترفع عيناها إليها اخيرا وتشاور بيدها ناحية الباب
اللي يخرج من الباب ده متردد مبيرجعهوش تاني اهم حاجة بيحبها المتر إن اللى شغالين معاه يبقوا عندهم ثقة في حالهم
ها هتدخلي علشان إنتي كدة هيتحسب عليكي عدم الالتزام عند المتر وخسړتي أول بونت في انطباعه عنك
ولا هتاخدي حالك وتمشي وانادم علي اللي بعديكي
فكرت سريعا في كلماتها ودون أن تنطق دلفت إلي المقابلة وهي تخشى خسارة الفرصة الوحيدة للتدريب في ذاك المكتب ويضيع حلمها
فتحدث ذاك الماهر مرددا بتساؤل دون أن ينظر إليها
عندك استعداد تتسجنى لو ملف عميل هنا ضاع منك او لقيناه مع الخصم وكنتي إنتي المسؤولة عنه
جالت علامات الطيف على وجهها من أول استفسار وفكرت سريعا لما استمعت إليه من نصيحة تلك المديرة
علشان أبقى محامية ناجحة لازم تكون عيني وسط راسي ومسمحش للظروف ولا الخېانة يقربوا مني ودايما هاخد احتياطاتي من القريب قبل الغريب ولو حوصل ابقى مهملة والمهمل يتعاقب علشان يتعلم
دون إجابتها دون أي انبهار وأكمل استفساره
ايه هي مواصفات المحامى الناجح في أي قضية يمسكها من وجهة نظرك
جالت بتفكيرها إلى أن أجابته بثقة
يكون عنده سرعة بديهة ويمسك في أول نقطة يستبعدها في نجاح قضيته ويحافظ على ملفاته في مكان ظاهر خفي في نفس الوقت
دون إجابتها تلك المرة بإعجاب ولكن على وضعه دون أن ينظر إليها وتابع تساؤلاته
لو قدامك قضية والمكسب فيها مضمون لكن الأتعاب فيها قليلة وجالك الخصم عرض عليكي مبلغ أضعاف الأتعاب بكتييير هتوافقي تسيبي موكلك حتى لو مش هيتسبب له ضرر علشان الأتعاب الزيادة ولا هتعملي إيه
أجابته بتأكيد
المحاماة مهنة العدالة والفلوس مش أولى أمنياتي وشرف المهنة يحتمني إني معملش عملية إبدال حتي لو النتيجة واحدة ومش هتضر الطرفين بس هعمل اسمي بشرف تتحاكى عنيه محاكم قنا بحالها
إلي هنا ورفع أنظاره إليها ليرى من صاحبة تلك الإجابات المنمقة والغير مفتعلة وتفحصها جيدا ووجدها ليست كمن سبقوها وعلى الفور قرر تعيينها فهو لم يلفت انتباهه واحدة ممن سبقوها بمظرهم الملفت للأنظار فهو ينتقي فريقه الجاد والعملي وفي نفس الوقت ذو مظهر منمق وهي لاقت استحسانه وردد بأمر وهو يشير ناحية الباب
تمام اتفضلي والسكرتيرة برة هتفهمك كل حاجة المقابلة انتهت
اغتاظ داخلها من حدته وطريقته المتكبرة وخرجت من أمامه ونفذت الأمر
وجدت السكرتيرة تعطيها ملفا كاملا وهي تهتف بنفس العملية
اتفضلي الملف ده ادرسيه كويس جدا ومن أول الشهر تاجي تستلمي مكتبك هنا مع الفريق اللى هتدربي معاه
اعتلت الفرحة معالمها بشدة وصفقت بيداها وهي تردد باندهاش
إيه ده هو أني إكدة اتقبلت إهنه في مكتب الأستاذ بجد
أشارت إليها السكرتارية برأسها بموافقة وهي تتابع عملها بمهنية ثم خرجت من المكتب وأقدامها تكاد تطير من شدة سعادتها وهي تنتوى الذهاب إلي جامعتها تكمل يومها الدراسي وهي تشعر بأنها أتمت أهم إنجاز في حياتها اليوم وأثناء سيرانها للخارج رأت ابن عمها دالفا إلى المكتب تلاقت أعينهم فوقفت أمامه بيها مرددة بسعادة
جاسر بارك لي مش اتوفقت واشتغلت اهنه في مكتب الخط ماهر البنان
وتابعت سعادتها وهي تنظر إلى المكان بانبهار
مش عارفة أتشكرك إزاي يابن عمي على وقفتك وياي وأنك قدمت لي اهنه وعرفتني شوية
معلومات عن عوايد المتر منحرمش منيك ياأجدع أخ
كان ينظر إلى سعادتها العارمة وقلبه فرحا لها وهو مبتسم وعند كلمتها الأخيرة بوصفه كأخ شعر بالحزن الشديد داخله فهو يسعى دائما أن يريها محبته بأقواله
وأفعاله ونظراته وهي لاتراه إلا أخا بعد كل ذاك المجهود الذي يفعله
فبارك لها بخفوت
مبارك عليكي يابت عمي ربنا يفرح قلبك ويرزقك التوفيق والنجاح دايما
لاحظت حزنه وتبدل ملامحه ولم تعى السبب وراء تبدل وجهه في لحظات فسألته باندهاش
ايه اللهجة دي ! كنت في الاول بتضحك ومبتسم وفي ثانية أحوالك اتغيرت مالك إكده مش فرحان لي عاد
رأى حزنها البائن على وجهها لطريقته الباردة وأعطاها عذرها فهي لاتعرف بمدى عشقه لها منذ الصغر وأومأ لها بابتسامة
كيف إكده ! ده أني اللى مقدملك إهنه ومعرفك كل التفاصيل اللصغيرة قبل الكبيرة وكنت واثق إنك هتجتازي الاختبار ببراعة كماني بس معلش دماغي مشغولة في قضية مكلفنى بيها الاستاذ ووجعالي دماغي واكيد شفتي جديته الشديدة في الشغل عاملة كيف فلازم أنجزها وأشوف لها طريقة
التمعت أعينها بالسعادة وفورا سألته بتركيز
قضية صعبة طيب إيه رأيك أشرب وياك الشاي بالليل ونفكر فيها زي اللى قبليها ومنها أخد خبرة زي مانت معودني
فرح كثيرا من اقتراحها فمجرد لحظات يقضيها معها حتى ولو كانت كلها عملا إلا أنه يكفيه وجودها أمامه وهتف بموافقة
حلو قوي يابت عمي جهزي حالك ٨ بالدقيقة هتلاقيني عنديكم وبشرب الشاي مع عمي عقبال ماتنزلي
أشارت بوجهها مبتسمة وودعته وذهبت إلي جامعتها فهي في سنتها الأخيرة في كلية الحقوق ومنذ السنة الأولى لها وهي شغوفة بتلك المهنة ودوما تجلس مع جاسر تراجع معه جميع القضايا فهو يكبرها بتسعة أعوام
وهو في سنته الثالثة في الجامعة جاء الي مكتب ماهر البنان يتدرب فيه والآن اكتسب خبرة عشرة أعوام وأصبح ذراعا أيمنا لذاك الماهر ولكنه نصحها الا تذكر قرابتها له أمامه وهي منذ دلوفها إلى تلك الجامعة تجلس معه وتشاركه في جميع القضايا إلى أن علمها كل صغيرة وكبيرة في أمور المحاماة ولم يبخل عنها بأي معلومة
في فيلا آدم المنسي حيث يجلس مسترخيا على الشزلونج الموجود في حديقته الخاصة أمام حمام السباحة وبيده السيناريو الذي يراجعه منذ اسبوعين فقد قرر ان يقبل بذاك المسلسل الذي قدم له فقصته نالت إعجابه ولكنه كان مترددا دخول عالم الدراما فتجربته في السينما نالت اعجاب الجميع وحقق إيرادات فائقة وخاصة في فلميه الأخيرين وېخاف أن يخوض تجربة الدراما ويفشل العمل ويخسر جمهوره السينمائي ولكن راشد مدير اعماله شجعه على القدوم وخوض التجربة وهو متوقعا نجاحها
وأثناء قراءته لمشهد ما تتحدى فيه البطلة البطل وتشاغبه جال أمام عيناه عيناي صاحبة أكبر تحدي في حياته الصعيدية ذات الرداء الاسود مكة فوجد لسانه ينطق بصوت مسموع
مكة
ردد اسمها منقطعا بتلذذ على لسانه وتذكر أمرها فترك مابيده وأمسك هاتفه طالبا مدير اعماله الذي رد عليه قائلا
أنا داخل عندك على الفيلا اهو ثواني وأكون قدامك
أغلق الهاتف معه وعاد إلي تفكيره في تلك المتمردة الصعيدية الذي لم ينسى عيناها قط وهي الشئ الوحيد الذي رآه منها ولكن احس بأنها تخبئ وراء ردائها الأسود جمالا آخاذا كجمال عينيها تذكر اللقاء الذى أجرته معه وتذكر صوتها الهادئ الرقيق وتذكر جديتها في التعامل حقا كانت بالنسبة له كالجوهر المكنون وأحس بانجذابه ناحيتها بالرغم من تمردها عليه شعر بأنه يحتاج أن تجلس أمامه مرة أخرى كي يكتشف شيئا جديدا غير معتاد عليه في أي أنثى قابلته فحقا كانت مختلفة وهادئة وفي نفس الوقت تحفظها عاصفة تبتلع من يقترب أثارته بتحفظها الشديد كان اللقاء الذي أجرته معه خاليا من أي اهتراءات ولا تدخل في حياته الشخصية ولا مروجا لأي إشاعة من التى تحوم حوله
أخرجه من تخيلاته صوت راشد الذي يلوح بكفيه أمام عيناه مرددا
ايه يا فنان رحت فين كدة أنا واصل بقالي شوية وانت ولا انت هنا
وتابع كلماته بمشاغبة
قول بقى إن المزة الايطالي اللى كنت بتمثل معاها امبارح الفيديو كليب شاغلاك ومطيرة عقلك بصراحة عندك حق
لوح أدم بكفيه وبسط فمه بسخرية هاتفا
مزة مين وإيطالية ايه ماكلهم شبه بعض من برة الله الله ومن جوة يعلم الله
واسترسل حديثه متسائلا
ها عملت إيه في الموضوع اللي طلبته منك وصلت لحاجة ولا لاء
قطب راشد جبينه ونطق مستفسرا
موضوع إيه بالظبط إحنا بنا مواضيع كتيير فكرني تقصد انهي فيهم
ضړب أدم كفا بكف وهو مغتاظا من برود ذاك الراشد مرددا بسخط
موضوع البنت الصحفية اللى عملت معايا الحوار في الجامعة جبت