سلسبيل
و هو يقطع المسافة الفاصلة بينهما راكضا و مال على زوجته يتفحصها بلهفة مرددا بفزع
أيه اللي حصل!!!
زمجر بشراسة مكملا و هو يتنقل بنطره بين سلسبيل و بخيتة التي هبطت الدرج و تقترب عليهم مستندة على عصاها الخشبية
مالها مرتي يا أمه
مخبراش يا ولدي هي وقعت لحالها أكده
نطقت بها بخيتة ببراءه مصطنعة و من ثم تابعت بشهقة و هي تراه يستعد لحملها
و بعدهلك عاد يا أمه
فتحت فمها ببلاهة عندما رأته يستقيم بها واقفا و سار بخطوات ثابتة لداخل المنزل لم يضعها على أقرب اريكة كما ظنوا بل اتجه لغرفتهما الخاصة بالطابق الثاني
عيني عليك يا ولدي و على حمولتك التقيلة
أردفت بها بخيتة و هي تصعد خلفهما و خلفها سلسبيل التي تعض على شفتيها بغيظ منها مرددة بصوت خفيض
شخشخت ركبك يا عفشه يا بت المركوب
قالتها و هي تلتفت لها و ترفع عكازها تنوي ضربها به كعادتها إلا أن سلسبيل فرت راكضة حتي تخطتها و احتمت ب عبد الجبار صاړخة
حوشها عني ونبي يا سي عبد الجبار
كفياك يا ااااااامه قالها و هو يضع زوجته على الفراش بتمهل و جلس بجوارها محتضن وجهها بين كفيه يربت على وجنتيها برفق مغمغما
كانت سلسبيل تطلع لهما بابتسامة حالمة معاملته لزوجته راقتها كثيرا أطبقت جفنيها پعنف حين داهمتها إحدي ذكراها البشعة برفقة زوجها القاسې الذي كان إذا رآها متعبة زاد تعبها و ألامها بقسوته و يده التي لم تري منها سوي الصڤعات
أمه مالها يا بوي!! كان هذا صوت فاطمة ابنته التي تحتضن شقيقتها الصغري و يبكيان بنحيب فقتربت منهما سلسبيل و ضمتهما لها و بدأت تبكي هي
أنتصب عبد الجبار واقفا و أسرع نحو طاولة الزينة أخذ زجاجة عطر من عليها نثر منها على باطن يده بغزارة و عاد مرة أخرى بجوار زوجته و هو يقول
متبكيش يا فاطمة بطلي بكي يا حياة خدي خيتك يا فاطمة و روحوا على أوضتكم و أمكم هتفوق و هتبقي زينة دلوجيت
انصاعت الفتاة لحديث والدها في الحال و ظلت سلسبيل واقفة مكانها تتابع هذا الرجل الذي لم تري في حياتها مثل رجولته من قبل
أني أهنه يا غالية فوقي متخلعيش جلبي عليكي
فتحي عيونك يا خضرا خلي الروح ترد فيا عاد
انبلجت ابتسامة على ملامح سلسبيل الباكية رغم شعور الحسړة الذي ينهش قلبها على حالها و ما مرت و ما زالت تمر به
بينما خضرا استعادة وعيها بعدما شعرت بلهفة و لمسات زوجها الحانية و عبقه الذي يغمرها و ذراعيه التي تحاوطها بحماية
لم يفكر عبد الجبار مرتين و هو يخطفها داخل صدره بعناق محموم أمام الجميع خاصة بخيتة التي جحظت عينيها و لوة فمها للجانبين أكثر من مرة مرددة پغضب
اتحشم في وچودي يا ولد
وه اتحشم ليه يا أمه أني في أوضة نومي و دي مراتي!!!!
أردف بها ببرود و هو يربت على ظهر زوجته صعودا و هبوطا
رمقته بخيتة بنظرة حاړقة و غادرت الغرفة بأكملها و هي تسب و ټلعن بسرها
شعرت سلسبيل بالحرج فتنحنحت و هي تسير بخطي مسرعة نحو باب الغرفة أمسكته تسحبه خلفها و هي تقول
احححم سلامتك يا أبلة خضرا
تسلمي من كل رضي يا خيتي
قالتها خضرا و هي تبتعد بخجل عن أحضان زوجها الذي أبي تركها بل أنه جذابها عليه و رفعها قليلا أجلسها على قدميه و قام
كان هذا المشهد الحميمي تراه سلسبيل التي لم تغلق باب الغرفة بالكامل تيبست محلها كمن فقدت الحركة تتابعهما بدهشة و عدم تصديق لما تراه و كأنها أمام إحدي أجمل و أروع الأفلام الرومانسية على الإطلاق
هزعل كيف و أنا مراتك يا عبد الچبار يكفيني شوفتك يا أخوي اللي بتشفي جلبي حتي لو فيه مېت شق
همست بها خضرا و هي تطلع
لعينيه بنظرة يملؤها الحب و العبرات معا
أهداها عبد الجبار ابتسامته النادرة قبل أن يميل عليها بوجهه
كتمت سلسبيل شهقة قوية و أغلقت الباب بمنتهي الحرص و فرت راكضة من أمام الغرفة دلفت لداخل حمام كان بابه مفتوح اغلقته خلفها مستنده عليه بظهرها و وضعت يدها على قلبها لعلها تهدأ من عڼف دقاته محدثة نفسها بذهول
معقول دا يبقي أخوك يا عبد الرحيم!!!!
لا حول ولا قوة الا بالله
بعد حوالي ساعتين جلس الجميع حول مائدة الطعام بأمر من الذي يرأسها عبد الجبار بعدما كانت بخيتة تعترض على جلوس سلسبيل معاهم كانت ملامحه عابسة بشدة نظره مصوب تجاه والدته التي تأكل بشراهه غير مبالية لنظراته
انتظر حتي فرغت من طعامها و همت بالقيام إلا أنه أجلسها ثانية حين قال بصوت أجش
أمه يفرقلك زعلي يا أمه
تطلعت له بخيتة بلهفة و هي تقول
و لا زعل حد واصل يفرقلي غيرك يا ولدي
يبقي متزعليش مراتي قالها بنبرة راجية و صمت لبرهة و تابع بهدوء
اللي يزعل خضرا كأنه زعلني تمام و أنتي خابرة زين أن زعلي واعر قوي يا أمه
كانت سلسبيل تتابع حديثهم بقلب ېتمزق دون إرادتها تقارن أفعال زوجها الحمقاء معاها كان لا يشغله زعلها و قهرة قلبها من أفعال والدته بل كان يشجعها على اهانتها و يضربها سويالم يدافع عنها و لو لمرة واحدة طيلة فترة زواجهما
حاضر يا ولدي اللي رايده هو اللي هيحصل
نطقت بها بخيتة من أسفل أسنانها و هي ترمق خضرا بنظرات كالسهام القاټلة
تنهد عبد الجبار براحة مغمغما
و سلسبيل يا أمه!
هنا تهللت أسارير تلك الحزينة بفرحة غامرة و رفعت رأسها تنظر له بابتسامة ممتنة لكنها تلاشت سريعا حين ثارتبخيتة بصوت
غاضب قائلة
ملكش صالح بهبابة لما تبجي مراتك تبجي تتحدد و تدافع عنها غير أكده ملكش صالح بيناتنا
هب عبد الجبار واقفا و تحدث بنفاذ صبر قبل أن يسير من أمامهم
أني مشاغلي ياما يعني معوزش وچع دماغ و لا فاضي لحديت الحريم الماسخ ده يا أمه
خليك بمشاغلك يا ولدي و متشيلش هم من چهتنا واصل
أردفت بها بخيتة بابتسامة مصطنعة و هي تتنقل بنظرها بين خضرا سلسبيل كانت نظرتها الخبيثة كفيلة بسحب الډماء من عروقهما
صل على الحبيب
مر أسبوع على وجود سلسبيل بمنزل عبد الجبار شعرت خلاله بالأمان الذي غاب عنها له سنوات عرفت معني الراحة و السکينة التي حرمت منها أصبحت مقبلة على الحياة بعدما كانت تبغضها و تتمني المۏت لعله يكون رحيم بها عن ما تعيشه من عڈاب على يد والدها و حماتها شديدة الطباع
كانت بخيتة هادئة تلك الفترة حتي لا تغضب
ابنها منها بعد ما فعلته بزوجته هدوءها هذا تحفظه سلسبيل عن ظهر قلب تعلم جيدا أنها الآن كالنيران أسفل الرماد و لن يدوم صمتها هذا طويلا و ستعود كما كانت و أكثر
لم يشغلها ما تنوي عليه بخيتة معاها كل ما يشغلها حاليا هذا العملاق صاحب الملامح الغاضبة دوما صوته الأجش هيبته التي ترتجف منها الأبدان عينيه الثاقبه نبرته الحادة و مع كل هذا يمتلك قلب طفل حنون يغمر زوجته حب صادق لم تري مثله بحياتها من قبل
كل ثانية تلمح طيفه بها يزداد عشقه بقلبها المتيم به أضعاف مضاعفة فوق عمرها تلجم نفسها بصعوبة بالغة عنه عينيها التي ترمقه بنظرات هائمة بين حين وآخر و هو حتي لم يرمقها بنطرة خاطفة يتجاهلها عن قصد و إن أراد أن يصل لها أي شيء يكون عن طريق زوجته خضرا
قومي قامت قيامتك هكذا أستيقظت سلسبيل على صوت بخيتة التي تنغزها بعكازها بعدما سحبت من عليها الغطاء و ألقته أرضا و تابعت بأمر
قومي نضفي الدوار و چهزي الوكل قبل ما سيد الدار يقوم
تأوهت سلسبيل پألم و هي تنظر تجاه النافذة فوجدت الليل مازال يخيم و لم تشرق الشمس بعد
بتصحيني و الشمس لسه مطلعتش حتي!!!!
لکمتها بخيتة لكمة قوية مدمدمة
ليكي سبوع واكله شاربة نايمة أيه نسيتي أصلك ولا فاكرها وكل و مرعي وقلة صانعة قومي همي وراك شغل ياما
تحاملت سلسبيل على نفسها و غادرت الفراش بتكاسل لتدفعها بخيتة خارج الغرفة بعكازها شهقت سلسبيل حين وقعت عينيها على المنزل الذي انقلب أثاثه رأسا على عقب و المياة ټغرق السجاد الموضوع فوق بعضه
قامت بخيتة بمسك زجاجة من سائل التنظيف و سكبتها فوق السجاد و القت لها فرشاة و تمتمت بجحود
همي اشتغلي بالقمتك
الفصل السابع..
في تمام الساعة السابعة صدح صوت رنين الهاتف أزعج عبد الجبار الذي لم ينعم بالنوم و لو للحظات قليلة طيلة الليل يجلس على فراشة بجوار زوجته التي تغص بنوم عميق شارد الذهن لم يتوقف عقله عن التفكير بتلك ال سلسبيل ..
هو رجل تزوج زواج تقليدي منذ ما يقرب الأثني عشر عام كان وقتها شاب صغير ببداية العشرينات منهمك بالعمل مع والده و لا يشغله شيئا أخر سواه حتي تزوج خضرا التي كانت فتاة بعمر الزهور صاحبة الخامسة عشر عام لكنها كانت و مازالت نعمة الزوجة الصالحة رغم صغر سنها
يعترف لها و لنفسه أن قلبه يكن لها كل حب تقدير إحترام و لكن للأسف الشديد هو مثل باقي جنسه يمكن أن يتسع قلبه لأكثر من أثني في وقت واحد أما المرأه لا و لن يمتلك قلبها إلا رجل وحيد يكن هو الحياة بالنسبة لها..
ولهذا يمكن أن نقول صرح للرجال بتعدد الزوجات و بعدما استطاعت تلك الصغيرة بنظرتها الحزينة التسلل لداخله حتي لمست أوتار شديدة الحساسية بأعماق قلبه كل نظرة ترمقه بها كان يرها جيدا برغم عدم اللامبالاة التي تحتل قمساته الصارمة فهو بارع في إخفاء مشاعره إلى حد كبير..
شروده بها و بأدق تفاصيلها جعله غير منتبه لتلك الضوضاء التي فعلتها بخيتة منذ بكرة الصباح فاق من شروده على صوت هاتفه الذي صدح صوته مرارا و تكرارا..
تأفف